دراسة نقدية لكتاب “سفر الحب” بقلم وفاء ابو السعود
بقلم/ وفاء ابو السعود
الرئيس التنفيذي لجريدة كنوز عربية
دراسة نقدية لكتاب “سفر الحب” بقلم وفاء ابو السعود.. “سفر الحب” للكاتب والاديب دكتور محروس عامر رئيس مجلس إدارة جريدة كنوز عربية كتاب تضمن عدد ثلاثة عشر مقال أدبي من طراز راقي ستجد نفسك سابحا في سطوره بلا ارادة مستمتعا بكلماته،، محلقا في جمال وصف جملة الادبية وعباراته واليكم الدراسة التالية.
** اختار الكاتب كلماته وألفاظه بدقة بالغة، ولعبت حروفه دورًا مهمًا في تجسيد المشهد الذي يرغب الكاتب في التعبير عنه وتوضيح معناها بشكل دقيق فجعلت كتاباته ترتقي بقارئها الى مكانة ممروقة ومميزة.
**استطاع الكاتب جذب انتباه القاري بكل سهولة ويسر بل والاستحواذ عليه كاملا دون تشتت فجعله حبيس سطوره فلم يعد له قوة على الهرب من تلك الجمل الفلسفية التي تستطيع أن تحلق بقراها فوق سحابات المشاعر مستسلما لما يقرأ منتشيا بما يقرأ فتفجرت مشاعره و أحاسيسه.
**استطاع الكاتب التركيز في نفس الوقت علي المحتوي والمضمون وعلى الصياغة والشكل بتعابير واضحة ورصينة فمهد الطريق للقارئ لكي يعيش حروفها ولا ينفصل عنها.
**تميز الكاتب باستخدام جماليات تعبيرية عالية متعددة ومختلفة باستفاضة ولو ذكرناها ما انتهينا، معتمدا على ملكته الادبية المتمكنة ورصيده اللغوي وحصيلته الثقافية والمعتمدة في أصولها على خلفيات وتقنيات دينية وأدبية واسعة، منها:
هناك سنلتقي على شاطئ البحر، فوق الرمال المذّهبة التي طرزها نور القمر، حيث سيرقص الموج فرحا، وستتجمع حمائم النورس مكونة سمفونية عشق تتهادى حولنا. سيكون القمر مضيئا محتفيا باللقاء وتتسابق الفناجين أيهم يلثم ثغرها وتسري الريح تداعب شعرها وتحمله حتى يغطي وجه الأرض فتسكن في ليل هادئ يروي القلوب الظمأى لصدر الحبيب.
**قدم الكاتب معاني ودلالات إبداعية متنوعة ضمن نسيج قوي البنيان بكلمات مترابطة ومتألفة فلا تشعر بداخلها بوجود فواصل او انقطاعات لتنقلك من حاله الى حاله اخرى.
**تذوق القاريء جمال ورقة وعذوبة كلمات الكاتب وهو ما يعد من أهم معايير الحكم على جمال النص الأدبي وبدأت جمال كلماته من جمال داخلي عاشه الكاتب وجمال محيط استطاع به أن يساعده في استخراج مكنونة وإتمام أركان عمله.
**عشقه للجمال وللكون ولمفرداته الكونية بلغ مداه وارتبطت وتأثرت كتاباته تأثرا جليا وواضحا في مقالاته، حتى أنه استقى صور جمال محبوبته من صور جمال الكون واصفا:
((نور الفجر المشرق من جبينك))
((ويجردها الخريف، فتتجمد الكلمات))
أرى أشجار الحزن في عينيكِ تهجرها طيورها
((وأني أحضرت له أقلام الألوان التي رسم بها داخل صدرها قمرًا بازغًا وشجرةَ زيتونٍ وقلبًا فوق الشاطئ المطرز بضوء القمر))
**استخدم الكاتب بعض الجمل للتعبير وبوضوح عن معاني محددة وفي مواقف اخرى استخدم تعبيرات مفتوحة ذات دلالات معنوية خفية بعيدا عن الوصف الأدبي الصريح وترك للقارئ حرية الاختيار اما ان ياخذها على علتها او يفسرها في اي مستوى شاء روحي كان أو مادي.
**لم يغفل الكاتب في كتاباته أن يشير إلى القيم الأخلاقية وإلى بعض الأعراف الاجتماعية وإلى بعض العيوب والافات المجتمعية فقد ذكر.
(( تجدهم يعدّون أنفاسَك ويتلصصون على نظراتِك وهمساتِك بل ويتلمسون نبضات قلبك، و ينسجون قصصا عنك ويجيبون على أسئلة لم تطرحها أنت. إنها تعاسة يعيشها كل من يبزغ نجمه، وأن يتميز عن غيره. ذلك لأن الغباء داء ليس له دواء عند الأطباء ولا عند المثقفين))
**تحدث الكاتب عن بوح المشاعر للاحياء قائلا عليكم أن تعلموا أن السير في جنازة الميت لا ينفعه بقدر ما تنشر النشوة في قلوب الأحياء وتنمى إحساسهم بالعزة والمكانة.
**لم يكن الكاتب بمعزل عن الواقع ولم تتطرق كتاباته عن المشاعر والأفكار وانما امتدت كذلك إلى وصف آلامه وطموحاته شرود ذهنه، حالات القلق التي تنتابه والإحباط، الذي يسيطر على أفكاره فيفقده الشغف كما امتدت الامه خارج حدود وطنه لتصف الآلام الأمة العربية، فيبقى الوجع بقوله:
لقد سكن الألم كل البلدان وأصبح أنين الطفل في سوريا يتردد صداه في السودان. لازلت أهوى، وأضجر من حدود المكان، كم تمنيت أن أكون طائرًا يذهب حيث يريد ولا تقيده حدود. أو أن أصنع من وجعي قوسًا يقذفني سهما من حيث أكون إلى بغداد. ما أكثر وجعك يا بغداد وما أطول ليلك، أين موسيقاك وأمسياتك الشعرية؟، أين ضحكة الأطفال؟ أين البريق في أعين الماجدات؟، وأين المجد علي همم الأشاوس؟! ماذا ألم بك يا دجلة ولِمَ أمسكت ماءك؟ ومن أين لك يا فرات الملوحة؟!
عائدا لحنين وطنه متحدثا عن بلده الام في ولا تزال بهية تقاوم أمراض العمر وتداوى طعنات أولادها وأقرانها وتمهد طريقا للخير وتبني جسورا للسلام وتغزل حريرا وتنسج تاجا لعروسة نيلها فهل سيأتي النيل من بعيد؟!
**ان الكاتب لم يتطرق إلى الادب الواقعي فقط وانما امتد الي الأدب الخيالي حينما تخيل حواراً مع ملك الموت والعجيب في الأمر وهو غاية الابداع ان يتذكر محبوبته بسؤاله المباغت أو سنلتقي؟
مختتما بسؤاله، فهل يا تُرى حبيبتي عندما يعود سأتذكر أن أسأله؟ وهل سيكون عندها للسؤال جدوى؟
ذاهبا بنا إلى حدائق وأنهارا و غناء وشلالات مياه تتلألأ في ضوء بهيج. وحمَامات ملونة تتراقص فوق الأغصان وفواكه تقترب بغصونها مبتهجة وكأنما تبغي القطاف، وأرواح تتجمع وتتفرق في أنس وهيام وعشق واحد يجمعهم بلا غيرة ولا تنازع عشق لمن أودع في قلوبنا الحب وأسكن فيه الخفقان.
**تناقض الكون وتناقضات الحبيبة فازداد جمال كل منهما، معنى جديد تناولته مقالات الكاتب، فما بين الحلم والحقيقة وبين المعصية والغفران تجد لوحة فنية لمعنى جديد تجد روعة الوصف بين المتناقضات وتبحر بين شرايينها حتى انك تكاد تعشق تلك المتناقضات بعد ان كنت تمقتها.
تمرد الكاتب علي الحب فاهتز له كيانه، فتمردنا على ذلك العالم المادي الذي يؤدي إلى الضمور النفسي والشلل الفكري والتصحر الاحساسي فجفت منابع المشاعر فكانت كتابتك بمثابة روح جديدة تبثها في قلوب القراء تجعله حبيس في زاوية الغرفة لا يملك إلا أن يسمع ويطيع لقراءة تلك السطور دون اي حيله.
**تضمن كل مقال قصصي معنى ومفهوم واحد ومترابط رغم اتساع الوصف مركزا على تلك الجمل التي يجيد استخدامها كل في موضعه دون تقديم او تأخير مع ضمان ختام يليق بقيمة المضمون.
واخيرا
لم تعكس مراتك ايها الاديب حقيقة وقيمة كتاباتك في عيون قراؤك
هون علي نفسِكَ ايها الكاتب، وانظر في سطورك لترى ما لا تُبده لك مرآتُكَ فقد ثبتت كتاباتك جذورك الادبية في الأرض
اترك مرآتك وأبصر صورتَكَ الحقيقية، فماهيتكَ الأدبية سَبقتْ وجودكَ وشمسُكَ سبقتْ ضوْءَكَ وروحكَ سبقتْ كونَكَ،
وفي النهايه نعترف أن الكاتب استطاع ان يجعل القاري يتوحد مع ابطال قصصه يعيش معاناتهم ويتحسس مشاعرهم ويتوحد في أفكارهم فاستمعت أذان القارئ لذلك الحوار بين رابطة عنقه ووردته الجوريه.
ورأت عيناه ذلك الطريق المتعرج للوصول إلى المقابر شاهد امواج البحر وهي تتسابق إلى شاطئها، فأنست نفس القارئ بسورة الفاتحة ويس وآيات من سورة البقرة مما أضعف من سيطرة الخوف على نفس القاري فكانت دقة الوصف وبلاغة التعبير تجعل السطور تتراقص في فرحته وتدمع من حزنه.
سيظل سفر الحب ذكرى لن تموت، تقف كلمات الابداع منحنية امام ابداعك محروس عامر، ويقف تصوير الجمال مطأطأ الرأس أمام جمال حروفك التي تبحث لذاتها عن مكان ومستقر في اعماق القلوب.
سيظل السؤال حائرا تائها بلا إجابة
وستظل لغة المشاعر والاحاسيس هي وقود الحياة
فمقالاتك السردية وقصصك القصيرة تمثل أقراط ذهبية وعقد من ياسمين في رقاب قرؤك ومحبيك
مركزية النص الأدبي.. دراسة نقدية للشاعر علي الحمداني - العراق - جريدة كنوز عربية اي.جي
17th أبريل 2024[…] للمزيد من النقد الأدبي عبر موقع كنوز عربية، اضغط هنا […]
حَجَرٌ في زاويةِ الغُرفة لعاصم عوض - جريدة كنوز عربية اي.جي
23rd أبريل 2024[…] المُسمَّى جدارَا في النجومِ المُسمَّاةِ سَقفًا وفي هذه الأرضِ حيث أنامُ أُرِيحُ جَبيني على يَدِ تلك […]
أخبرهم قصيدة للشاعرة سلوى دندش
06th مايو 2024[…] أكثر وأعشقك أكثر وأكثر وأذوب فيك كل يوم أكثر هيا يا شاعر الحب إن كانت لديك الجراة أخبرهم بأنني حبيبتك وبأنك بين […]
بغداد السلام بقلم دكتور: فريد الجراح
14th مايو 2024[…] ، وهذا التميز ، وهذه الخصوصية.. بغداد الزمن الجميل ..بغداد ناظم الغزالي بغداد نازك الملائكة بغداد محمد مهدي […]