مستقبلنا بين التوكتوك وTikTok
تحقيق / عصام عياد
من الوهلة الأولي قد يظن القارئ أن التوكتوك هو TIKTOK ، وهذا غير صحيح رغم تشابههما في أن أثمهما أكبر من نفعهما ، لكونهما خارج نطاق الضبط و الرقابة ، وكونهما سبب في ضياع أحلام ومستقبل أجيال عديدة ، فالأول لم تنتبه اليه الحكومة مبكراً فتصيغ له الضوابط ، والآخر لم تنتبه الي الأسرة فتركت الهواتف في متناول الرضع فشبوا عليها وتعلقوا بها >
أضرار سوء الاستخدام
بالإضافة الي أنهما السبب في حدوث أضرار كثيرة في المجتمع ليس لعيب فيهما ، وإنما لسوء استخدامهما ، حيث لكل منهما استخدامات مفيدة ، إلا أنه في الغالب قد أسيئ استخدامهما فشكلوا خطراً علي المجتمع فالتوكتوك الأول ، هو وسيلة نقل سريعة ورخيصة ، يستخدمها المواطنين في الانتقالات الداخلية القصيرة أ انتشر منذ فترة ليست بقليلة ، داخل الأحياء السكنية بالمدن الكبرى .
مستقبلنا بين التوكتوك وTikTok ، ثم أخذ يزحف الي القري دون وضابط رسمية ، خاصةً في المناطق الريفية والنائية ، وأصبح أحد نماذج العمل الغير رسمي ، وأحد الطرق التي لجأ اليها المصريون للتحايل علي المعايش، ومواجهة مشكلات البطالة والفقر وبالرغم الي أنه ساهم بشكل كبير في توفير فرص عمل والحد من حجم البطالة ، وأنه كان بديلاً مناسباً لعمال المهن المنتهية التي استغني عنها المجتمع بالإضافة الي انخفاض أجرته مقارنة باجره التاكسي ، وسهولة وصوله الي المناطق الضيقة والعشوائيات ، وتمكنه من سرعة الوصول لصغر حجمه الذي يمكنه من اختراق الطرق إلا انه أتي بأضرار عديدة منها : أنه سبب رئيسي في هجرة اليد العاملة الماهرة ، خصوصاً في الحرف والمهن المتوارثة ، كالحدادة والنجارة والحلاقة ، و اعمال البناء .
تأثير التوكتوك على باقي المهن
فقد استسهلته تلك الفئات كوسيلة خفيفة بديلة لكسب الرزق وتركت تلك المهن التي تحتاج الي بذل مجهود اكبر ، الأمر الذي يشكل خطراً علي المجتمع ، لأهمية تلك المهن وحاجة المجتمع اليها وعدم الاستغناء عنها كما انه ساهم وبشكل كبير في تفاقكم ظاهرة عمالة الأطفال دون السن القانونية ، نتيجة عدم وجود ضوابط حاكمة للعمل بهذا المجال ، مما ساهم أيضا في زيادة نسبة التسرب من التعليم ، وانتشار التدخين وسائر العادات السلبية بالإضافة الي أنه كان سبباً في تتفيه أحلام الشباب وبالتالي ضياع مستقبلهم ، بعد ان أصبحت نظرتهم قاصرة علي الحصول علي فرصة قيادة التوكتوك للحصول علي رزق سهل ، ومحاكاة أصحابهم وذويهم .
خاصة بعد أن صاروا النموذج الأكثر شيوعاً في المنطقة ، وقلما تجد من يحلم بأن يكون طبيباً أو مهندساً أو ، أو كما انه كان سبباً في انتشار الفوضى في الطرقات وسبباً في الازدحام ، وزيادة الحوادث لأنه وسيلة غير آمنة حيث يسير علي ثلاث عجلات مما يكون سبباً في انقلابه ولآن معظم السائقين من صغار السن الغير مدربين وغير حاصلين علي رخصة قيادة ،
فيكون سبباً في الرعونة في القيادة والسير بسرعات عالية ، خاصةً في الشوارع الضيقة ، مما يشكل خطراً علي السلامة المرورية ، ويؤثر أيضاً علي سلامة المواطنين ويعرض حياتهم للخطر كما انه ساهم بشكل كبير في زيادة معدلات الجريمة ، كالسرقة والخطف والتحرش ، حيث يعمل به معظم البلطجية والمنحرفين و أصحاب السوابق ومسجلين الخطر ،
كما أنه سهل ارتكاب الجرائم به مع صعوبة الوصول الي الجاني نظراً لعدم وجود لوحات تدل علي مالكه وسهولة المراوغة به والسير في المناطق التي يصعب فيها مطاردته ساعد أيضاً في انتهاك قواعد المرور، والسير في الاتجاه المروري المعاكس ، وتجاوز السرعات المحددة واختراق الطرق السريعة ، واقتحام المناطق السكانية و الأحياء الشعبية المكتظة بالسكان
كما انه أدي الي تلوث بيئي نتيجة لعشوائية استخدامه وكثر تواجده خاصةً في الأماكن الضيقة ، كما انه أدي الي تلوث سمعي وضياع للذوق العام ، بسبب استخدام قائديه لمكبرات الصوت العالية ، والاغاني الهابطة ذات المستوي الأخلاقي المتدني ، وغالبها يتضمن الفاظ خادشه وعبارات خارجة يأبها العرف والتقاليد كما انها أتاحت فرصة التهرب من الضمانة الاجتماعية للعاملين به ، مما يكون سبباً في ضياع العديد من الأسر حال اصابتهم بعجز او مرض يمنعهم من الاستمرار في العمل ، أو الوصول لسن الشيخوخة وعدم القدرة علي العمل وبالتالي عدم وجود دخل.
أضرار التيك توك
أما الثاني فهو برنامج الـ تيك توك وباختصار فهو أحد تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي التي ذاع صيتها في السنوات الأخيرة ، وانتشرت بشكل كبير في المجتمعات وخصوصاً العربية وهو برنامج متخصص في نشر الفيديوهات الفكاهية والمسلية القصيرة ، يسمح لمستخدميه بالتقاط الصور وتسجيل مقاطع الفيديو المختلفة لنشرها بطريقة إبداعية من خلال هواتفهم المحمولة .
والي هنا فالأمر جميل ولا بأس به ، فهو تطبيق مجاني غير مكلف ، سهل الاستخدام ، الي جانب أنه منصة عالمية مفتوحة ، يستطيع المرء من خلالها غزو العالم بأفكاره و أراءه ، كما يمكن من خلالها الترويج للمنتجات ، أو تكوين علاقات علي نطاق واسع غير محدود ، الي جانب انه برنامج ترفيهي مسلي ، ويمكن من خلاله الابداع وتنمية المهارات المختلفة لكن بالاستخدام السيئ وصعوبة الضبط والرقابة أصبح أثمه اكبر من نفعه .
وبغض النظر علي أنه يقوم بجمع بيانات مستخدميه بهدف حفظها لاستخدامها في أغراض اخري ، وهو ما لم يتسع المجال هنا للحديث عنها إلا أن من أضراره الكبرى أنه يسرق الوقت بشكل خطير ، ويعمل علي الانعزال الاجتماعي ، بعد ان تحول من التسلية الي الإدمان ، وقد أصبح أفراد الاسرة صغيرهم وكبيرهم ، أسيرين له ولمثله من البرامج ،
منعزلين عن بعضهم البعض رغم تواجدهم في قاعة واحده
مستقبلنا بين التوكتوك وTikTok ، وعلي الرغم من انه يحمل اسم احد وسائل التواصل الاجتماعي ، إلا انه في الحقيقة وسيلة للتقاطع الاجتماعي ، فقد اخرس الجميع وتكلم هو ، صار الكل يستمع اليه ويشاهده وحده ، وضمنياً لا يستطيع ولا يجرؤ احدً علي مقاطعة حديثه ، فالكل منصت له و كأنه مسحور وعدم وجود ضوابط ، سمح للجميع بأن ينشر أفكاره دون النظر الي جدواها ، أو تأثيرها علي المجتمع ، فانتشرت سلوكيات غير لائقة ، كالشذوذ والتحرش …. ألخ
ومن عيوبه أيضا عدم وجود ضوابط عمرية ، الامر الذي أتاح للأطفال مشاهدة ما لا يتناسب مع أعمارهم ، والذي في الغالب لا يستوعبوها ، وفي الغالب يؤثر بالسلب علي تربيتهم ونشأتهم ، وتكوين ثقافتهم وهويتهم ، وقد يقلدوا سلوكيات مضرة بهم ، أو مرفوضة يرفضها المجتمع ، كما حدث في محاولة خلق بطولات لنشرها ، دون النظر الي نتائجها ، كالرقص امام القطار ، أو القفز من أماكن مرتفعة ، وقد شاهدنا من أودي بحياته ليسجل لحظة انتحاره بغرض نشر عمل جرئ ولوجود أعداد ضخمة علي مثل تلك المنصات ، وفئات عمرية مختلفة ، فقد أصبحت مناخاً مناسباً يتميز بأنه سريع الانتشار ، يستخدمه البعض في ترويج الشائعات و المفاهيم المغلوطة ، بغرض التأثير علي الرأي العام أو توجيه وتغير ثقافات
ومن عيوبه أيضاً أن استخدمه البعض في التهديد والابتزاز وانتهاك الخصوصيات والتطاول علي الغير ، وتشويه السمعة ، والخداع والمراوغة كما انه ساوي بين العالم والجاهل ،
حيث أصبح الجميع يمتلك جق الحديث والنشر في أي ما شاء بلا قيد ولا شرط ، وغالباً ما يلتبس الأمر علي العوام من المشاهدين كما انها كان سبباً رئيسياً في انشغال الشباب عن التفكير في مستقبلهم ، حيث انحصرت أحلامهم في ذلك العالم الافتراضي إلا من رحم ربي وفي حقيقة الأمر ، وهو ما لا يمكن تغافله ،
كيفية مواجهة الأمر
أن كلي الأمرين قد أصبحا لا غني للناس عنهما ، فقد شكلا أهمية كبيرة في حياتهم لذلك يجب العمل علي تدارك الأمر لتجنب أخطارهما وتعظيم ما بهما من إيجابيات ، بداية من رفع درجة الوعي بتلك المخاطر والسلبيات ، ويكون ذلك من خلال متخصصون ، علي درجة كبيرة من البراعة في توصيل المعلومة والتأثير في المستمع ، من خلال اقتحام كافة المنصات ، وقيام الهيئات المنوطة بذلك ، وعمل ورش عمل وحلقات نقاشية تعالج هذا الأمر وبخصوص التوكتوك كوسيلة مواصلات فيتوجب علي الجهات المنوطة العمل علي وجود ضوابط حاكمة تمنع مخاطرة وتحد من سلبياته ، وتضمن سلامة استخدامه ،
مستقبلنا بين التوكتوك وTikTok ، بداية من منع سيره وعدم استخدامه بدون لوحات ، وتحديد خطوط السير ومناطق العمل ، والزام قائديه بالحصول علي رخصة قيادة ، وعمل حماية اجتماعية لهم وبالنسبة لمثل هذه البرامج فأنه يتوجب علي علمائنا تناول هذه القضايا و الاعتكاف علي دراستها ، ومحاولة وجود حلول أو علي الأقل توفير برامج بديلة آمنه وعلي الإباء مراقبة ومتابعة أبنائهم والعمل علي الحد من أوقات استخدامهم للهواتف وخصوصاً أمثال تلك البرامج ، وتنظيم أوقات استخدامها محاولة وجود بدائل مفيدة و آمنه للأبناء تعوضهم عن تلك البرامج ، وتكون دافعه ونافعة لهم لما فيه صالحهم ونسأل الله أن يهيئ لنا ولأبنائنا من أمرنا رشدا وأن يسلمنا من كل سوء
لمزيد من القراءة اضغط هنا
تنيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية على الجريدة