رمضان شهر الانتصارات
كتب عصام عياد
كلما جاء شهر رمضان تذكرنا غزوة بدر ، وما أدراك ما غزوة بدر ، يوم التقي الجمعان ، يوم الفرقان ، الذي فرق فيه الله بين الحق والباطل ، وبين مرحلة الضعف والقلة ، ومرحلة الكثرة والتمكين ، بين الذل والعزة ، فقد قال تعالي ” ولقد نصركم الله ببدر و انتم اذلة “
غزوة بدر
في يوم بدر ، ضرب النبي صلي الله عليه وسلم فيه أعظم المثل في القيادة ، وفي إدارة المعارك ، بداية من مشاورة أصحابه و الأخذ برأي أصحاب الخبرة ، الي التخطيط والتكليف وتوزيع المهام بعناية فائقة ، والتعبئة و رفع الروح المعنوية .
في يوم بدر ، سجل المسلمون الأوائل بطولات عظيمة ، و أبلوا بلاءً حسناً ، سجله التاريخ لهم بحروف من نور ، و اطلع الله عليهم فغفر لهم ذنوبهم وكانت مكافأته لهم ، أن قال اعملوا آل بدر ما شئتم فقد غفرت لكم .
حيث كان من عادات العرب في الحروب ، أن يستفتحوا المعارك بالمنازلة بين ممثلي كل فريق ، فخرج من فريق المشركين ، عتبة ابن ربيعة وشيبة ابن ربيعة ، والوليد بن عتبة بن ربيعة ، و خرج من المسلمين لمنازلتهم ثلاثة من الأنصار .
فاعترض المشركون ، وقالوا بل نريد ثلاثة من قومنا ، من أبناء عمومتنا فنادي النبي صلي الله عليه وسلم علي علي بن أبي طالب ، وعلي حمزة بن عبد المطلب ، وعلي عبيدة بن الحارث فقتل حمزة شيبة بن ربيعة ، وقتل علي الوليد بن عتبة ، واختلفا عبيده وعتبة في القتال حتي أثبت كل منهما الآخر ، إلا أن عبيدة قطعت ساقه.
أسرع بعض المسلمون لنقل عبيده الي صفوفهم ، فقال النبي صلي الله عليه وسلم ضعوه علي رجلي ، فوضعوا خده علي فخذ رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وبكي النبي لحال عبيده ، وسقطت دمعة من عينة الشريفة علي وجه عبيده ، فنظر الي رسول الله وقال : أراضٍ عني يا رسول الله؟
عبيده من الأوائل الذين أسلموا مع رسول الله ، وتحمل أذي المشركين في مكة ، وهاجر تاركاً ماله وأهله ووطنه في سبيل الله ، و قاتل في سبيل الله حتي أصيب بطعنة أودت بحياته ، ويسأل رسول الله أراضٍ عني يا رسول الله .
فكيف حالنا نحن مع رسول الله ، كيف حالنا ونحن المقصرون ، كيف حالنا نحن ونحن المذنبون / كيف حالنا ونحن المستهترون المضيعون
في غزوة بدر يروي البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن عوف ، يقول وهو في صفوف المسلمين يوم بدر ، وعددهم يومئذ ثلاثمائة وبضعة عشر مقاتل ، في مقابل الف مقاتل بصفوف المشركين ، ومع المسلمين سبعين بعير وفرسان ، في مقابل سبعمائة بعير ومائة فرس مع المشركين .
يقول نظرت عن يميني ، فاذا بغلام صغير لا يتجاوز الرابعة عشر من عمره ، ثم نظرت عن يساري فاذا بغلام أصغر من الذي عن يميني ، فتمنيت أن أكون وسط من هم أضلع منهم ، أي أقوي منهم .
حدثته نفسه ، ماذا يصنع هؤلاء الصبية في مواجهة جحافل المشركين ، فاذا بالذي عن يميني يغمزني ويقول يا عماه ، يا عماه ، فقلت نعم ، فقال أين أبو جهل ؟ فقلت وماذا تريد من أبي جهل ؟ فقال : أريد أن أقتله ، قد سب رسول الله ثم إذا أنا بالذي عن يساري يغمزني ويقول يا عماه ، يا عماه ، فقلت نعم ماذا تريد ؟ فقال أين أبو جهل ؟ فقلت له وماذا تريد من ابي جهل ؟ قال أريد أن اقتله ، فان أمي قالت لي اذهب فقاتله ولا تعود الا إذا قتلته فقد سب رسول الله ,
يقول عبد الرحمن بن عوف فقلت لهما هو ذاك ، فتسابقا حتي وثبا عليه بسيفيهما فقتلاه ، وعادا فرحا يهرولان الي رسول الله يبشروه هؤلاء هم المسلمون حقا ،
هؤلاء الذين لبوا دعوة النبي صلي الله عليه وسلم ، حين قال لهم هلموا الي جنة عرضها السماوات والأرض .
رمضان شهر الانتصارات
كيف يتعامل المسلمون مع رمضان الأن
يخطئ بعض الناس ، فيتعاملون مع شهر رمضان علي أنه شهر النوم والكسل ، فينامون نهاره ، ويسهرون ليله ، بحجة التهوين ، والإسلام لم يدعو الي ذلك ، وإنما دعي الي النشاط والجد والعمل .
وبعض الناس يذهبون الي عملهم فلا يؤدون أعمالهم ، بل ويعطلون مصالح العباد بحجة أنهم صائمون ، والصيام برئ منهم ، فالصيام يقوي الإرادة والعزيمة ، ويعود الصبر ولو علم الناس ما في رمضان من خير ، لتمنوا أن يكون العام كله رمضان .
لو علم الناس ما وضعه الله في رمضان من أسرار وخفايا ، لتمنوا أن لا ينقضي رمضان ، فهو شهر الصيام والقيام والقرآن ، هو الشهر الذي بعث فيه خاتم المرسلين، فأنار الكون بنور التوحيد .
شهر رمضان شهر الطاعات والعبادات ، وهو أيضا شهر الانتصارات ففي رمضان ، ينتصر المسلم علي نفسه الامارة بالسوء ، ينتصر فيه علي بصره ، فلا ينظر الي ما حرم الله ، ينتصر علي لسانه ، فلا ينطق الا بالحق ، لا ينُم ولا يغتاب ولا يسب في رمضان حقق ، المسلمون نصرهم الأول .
غزوة بدر الكبرى ، كانت في العام الثاني من الهجرة و في رمضان في السنة الثامنة من الهجرة ، كان فتح مكة ، يوم المرحمة ، حيث زالت دولة الشرك وقامت دولة التوحيد وفي رمضان عام 53 هجرية .
رمضان شهر الانتصارات
فتوحات المسلمين في رمضان
فتح المسلمون جزيرة رودوس ومنها الي الاندلس وانتشر الإسلام وصار الآذان يتردد في غرب أوروبا في رمضان 212 هجرية ، فتح المسلمون جزيرة صقلية وفي رمضان 223 هجرية ، انتصر المسلمون علي الرومان في مذبحة الأناضول وأدب المعتصم العباسي أعداء الأمة وأعاد للمسلمين كرامتهم ،لما صرخت امرأة مسلمة لطمها روماني ، فنادت وا معصتماه في رمضان 658 هجرية.
انتصر المسلمون بقيادة سيف الدين قطز علي التتار ، وما أدارك ما التتار في العاشر من رمضان 1363 هجرية 1973 م ، انتصر العرب علي العدو الصهيوني ، واستعادت مصر أرضها بعد أن حطمت خط بارليف المنيع ، وهزمت جيش إسرائيل الذي لا يقهر .
في رمضان الآن ، يقف إخواننا الفلسطينيون في غزة ، وقفة الأسود ، وسيُكتب لهم النصر بإذن الله ، وإن كان النصر قد تأخر ، لكنه قادم لا محالة .
نسأل الله أن يثبت أقدامهم و أن ينصرهم نصراً عزيزاً فالكيس من جعل رمضان فرقاناً في حياته ، يرتقي فيه بروحه ، الكيس من يجعل رمضان محطة للتجليات الربانية ويستثمر النفحات والمنح الربانية .
ففي رمضان يكون الانتصار علي النفوس أقوي ما يكون ، فقد اشتمل رمضان علي كل أسباب الانتصار علي النفس ، فرمضان شهر الإخلاص بلا منازع
نسال الله أن يوفقنا في علي طاعته و أن يتقبله منا و أن يعيده علينا أعواما عديده بالخير واليمن والبركات
لمزيد من القراءة اضغط هنا
تنيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية على الجريدة
مستقبلنا بين التوكتوك وTikTok - جريدة كنوز عربية اي.جي
01st أبريل 2024[…] بين التوكتوك وTikTok تحقيق / عصام عياد من الوهلة الأولي قد يظن القارئ أن التوكتوك هو TIKTOK ، […]