جريدة كنوز عربية اي.جي

#النقد الأدبي

سِفر الحب.. فلسفة النقد والتأمل بمجموعة محروس عامر

سِفر الحب.. فلسفة النقد والتأمل بمجموعة محروس عامر

بقلم د. أمل درويش

لا ينفصل المبدع عن بيئته ومجتمعه؛ فنراه ليس بمعزل عن مشاكله يستقي أفكاره من واقعه وتراكمات خبرات وتجارب من حوله، يدرك معاناة مواطنيه، ويحلل سلوكياتهم وطبائعهم.

وقد أدرك كاتبنا الدكتور محروس عامر هذه الحقيقة فحاول الانخراط في مجتمع مرَّ بالعديد من التحولات وخضع للكثير من المتغيرات التي بدلت سلوكيات مواطنيه وخاصة فئة الشباب؛ فصارت ثمة هوة كبيرة بين جيلين أحدهما لم يولد منذ فترة بعيدة لكنه مر بقفزة كبيرة لم يكن جيله مهيأ لها.

في إطار نسق فني بديع، تناول الكاتب عدة قضايا هامة مستخدمًا أدق العبارات وأبلغ المعاني في تراكيب منمقة ومرتبة من خلال سرد أنيق يثير دهشة القارئ ويجذب انتباهه، تحمل بين طياتها العديد من المعلومات والحقائق إضافة إلى المتعة الذهنية التي ينالها القارئ في هذه الرحلة.

وهذه الدهشة التي تحتويك بمجرد قراءة العنوان: سِفر الحب.. فقد اختار الكاتب كلمة سِفر التي تعني الكتاب الكبير الذي يشمل عدة أجزاء لما للحب من معانٍ كثيرة وما يثيره من هواجس تدعونا للتأمل حول ماهية الحب وتلقي في عقولنا العديد من التساؤلات وترسم علامات الاستفهام التي يطول تفسير الإجابة عليها ولم نزل لا نحيطه علما.

اختيرت العناوين بدقة بالغة فتبدأ بالمواجهة.. مواجهة النفس أمام المرآة التي لا تكذب، وتكشف للإنسان حقيقته دون زيف، إنها فلسفة المواجهة، مواجهة الذات بحقيقتها.. كما أراد الكاتب مواجهة المجتمع بأفكاره وسلبياته ومعتقداته التي تهيمن على العقول رغم تغير الزمن.

استخدم الكاتب عدة تشكلات مكانية وزمانية فانتقل من ضيق الغرف المغلقة من أمام المرآة إلى فضاء أرحب على شاطئ البحر وفي الحدائق يستمد بهاء الحرف من دفء الطبيعة وجمالها، مرة يعيش بقلب طفل صغير يجذبه نداءات أمه، ومرة يبدو كهلًا يعاين خرائط الشيب التي احتلت تضاريس رأسه، والتجاعيد التي شقت أخاديدها في روحه..

كما نلاحظ أن زمن السرد لم يحدده الكاتب بل تركه مفتوحًا فهو يصلح لكل زمان.. ويتنقل الكاتب بين أروقة ذاكرة المجتمع ليرسم لنا صورة التناقضات التي نعيشها وحالات التمرد التي تعترينا في بعض الأوقات.. اعترافات لا نجرؤ على ذكرها إلا في حالات الخلوة مع النفس بعد فقدان الشغف للتقدم في الحياة ندرك الحقيقة وأننا سنبقى رغم الوجع.

إنها ليست مجرد قصص قصيرة أو نصوص؛ بل تأملات إنسان مفكر وحكيم في عالم سادت فيه الصراعات وانتشر الانجراف نحو الماديات. فابتعد الناس عن الروحانيات ورغم ذلك لم ينعموا بالسعادة واللذة التي كانوا يتوقعونها مكافأة تنتظرهم بعد خوض هذه الصراعات.

مجموعة تأملات تستحق القراءة مرات ومرات والتأمل فيما حولنا والوقوف وإعادة النظر في اهتماماتنا وأهدافنا.

تنيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية على الجريدة

1 Comment

  1. […] محروس عامر المولود في محافظة كفر الشيخ التي تقع في أقصى شمال مصر […]

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *