ثمرة المزيد من العلم – مقال : محمد الدكروري – مصر
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 6 مايو 2024
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ثم أما بعد إن المزيد من العلم ينبغي أن يقود إلى المزيد من الإيمان القوي والتقوى، وماذا لو اختل نظام هذا الكون قيد شعرة؟ فإنه سينهار بكل ما فيه ومن فيه، وماذا لو تصادمت أفلاكه؟ وماذا لو تناثر ما في الفضاء من أجرامه؟ وماذا لو حجبت عنه عناية الله طرفة عين أو أقل من ذلك أو أكثر؟ إننا سنهلك ويهلك كل من معنا، وإنه ما مر معنا وأمامنا من الآيات الكونية وغيرها كثير تحملنا على أن نفر إلى ربنا، وأن نغسل إساءتنا، وأن نمحو ذنوبنا.
ثمرة المزيد من العلم – مقال : محمد الدكروري – مصر
الماء والثري:
وإن المسلم إذا احتمى بربه واستعان به واستجار به فهو في أعز جوار وآمن ذمار، وإن كل شيء إذا خفته هربت منه، وإذا خفت الله عز وجل هربت إليه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول ” يقبض الله الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول أنا الملك، أين ملوك الأرض؟” رواه البخاري، وله عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال “إن الله يقبض يوم القيامة الأرض، وتكون السموات بيمينه، ثم يقول أنا الملك” رواه البخاري، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع،
ثمرة المزيد من العلم – مقال : محمد الدكروري – مصر
وسائر الخلائق على إصبع، فيقول أنا الملك، فضحك النبي صلي الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ قول الحق سبحانه وتعالي ” وما قدروا الله حق قدرة والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينة سبحانه وتعالي عما يشركون” فإن من عصى الله تعالي وخالف أمره لم يقدر الله حق قدره، من نفى عن الله صفاته أو شبهه بخلقه ما قدر الله حق قدره، من امتلأ قلبه من خوف المخلوقين فترك بعض الصالحات خوفا منهم أو عمل بعض المنهيات رجاء ما عندهم ما قدر الله حق قدره، من دعا غير الله وطلب منه الشفاعة أو تفريج الكروب ما قدر الله حق قدره، من أطاع بشرا في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله ما قدر الله حق قدره، من هجر كلام الله فلم يقرأه أو لم يحكمه.
أو لم يعمل به ما قدر الله حق قدره، من أحدث حدثا في دين الله ما قدر الله حق قدره، من ظلم الناس في أموالهم أو أعراضهم ما قدر الله حق قدره، من أكل أموال الناس بالباطل ما قدر الله حق قدره، من لم يحافظ على الصلوات والعبادات وسائر الطاعات ما قدر الله حق قدره، فيعرض القرآن الكريم هذه الآيات بأسلوب أخاذ ليعيد طراوتها وجدتها في الأذهان، فكأنها ترى لأول وهلة، يلفت النظر على هذه الأرض الفسيحة، وقد سقيت ورويت بماء الحياة، فتغلغل إلى أعماقها، فاكتضت أعاليها بالنعم الوافرة من أنهار جارية وأشجار مثمرة وزروع نضرة وجبال شامخة راسية وبحار واسعة مترامية، رفت في جوانبها الطيور المغردة.
فإن الخالق عز وجل الذي لا تدركه أبصارنا ولم يتركنا هكذا في بيداء الحياة، بل أظهر آياته في كتاب منظور نراه ونحس به، وكتاب نقرؤه ونرتله ألا وإنه معجزة النبي الخالدة، إنه القرآن الكريم بآياته وعظاتة، يعمد إلى تنبيه الحواس والمشاعر وفتح العيون والقلوب إلى ما في هذا الكون العظيم من مشاهد وآيات، تلك التي أفقدتها الألفة غرابتها، وأزالت من النفوس عبرتها، فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فالتقوى سبيل المؤمنين، والنجاة في الدنيا والآخرة بها ويوم يقوم الناس لرب العالمين.