بيت للإيجار.. قصة لآمنة يوسف اليمن
بقلم آمنة يوسف محمد اليمن
قالت له : مضى على زواجنا قرابة العشرين عاماً، وأنت لم تتمكن من الحصول على حُكم قضائي عادل تمتلك فيه قطعة أرضك الصغيرة.
والواقعة على جبل بعيد بعيد يقع على أطراف العاصمة.
عشرون عاما ونحن نحلم ببيت صغير يأوينا ويرحمنا من التنقل بين بيوت الإيجار،
التي يتصاعد إيجارها يوما بعد يوم !!
وقبل أن يتفوَّه بكلمة….أضافت : وها أنت اليوم خسرتَ القضية مقابل مبلغ زهيد،
دفعه لك بازدراء شخص من ذوي النفوذ حفاظا على ماء الوجه !! ولستُ أدري حتى اللحظة : وجهك أم وجهه ؟!!.
حين صمتت نفث بنفَسٍ عميق، وتماسك ليستعيد هيبته على الأقل أمامها، قائلا :
–واقع الغابات تعلمين، يا حبيبتي، أننا في واقع أشبه بواقع الغابات، البقاء فيه يكون للأقوى سطوةً،
فماذا عساني أن أفعل أكثر ممّا فعلت: المحاكم والقاضاة يريدون مبالغاً طائلة أوشخصيات واصلة !!.
حفظ القضاة هيأتي وملف قضيتي، ولم يبق في البلد محامٍ إلا استنزف ما لديَّ وما لديكِ من الأموال، حتى مع سوء الأحوال، دون جدوى.
قضيتي دفعت الكثير من قبل أن نتزوج أصلا، يعني قضيتي مر عليها أكثر من ثلاثين عاما ، والمبالغ التي دفعتها للقضاة والمحامين كانت تكفي أن أشتري بها بيتا مستقلاً،
بدلا من ضياع تلك المبالغ وحرق الدم !!
– ليتني تركتها لهم القضية وانصرفت إلى شراء بيت بدلا منها، لكنني لحماقتي قلت : أريد حُكم القانون !! أريد العدالة،
وأين هي العدالة في بلد يأكل فيها القويُّ الضعيف وقليل الحيلة !!.
وقتئذٍ، انتابها حزنً عميق قبل أن يكمل، فهي مثله تعلم أن واقع البلد أصبح أسوأ بكثير مما كان عليه في العقود السابقة….. !!.
ضحكة مجلجلة صمتت لأكثر من خمس عشرة دقيقة، ثم ضحكت ضحكة مجلجلة استغرب لها الزوج، مستوضحاً الأمر ؟!!!!!
وعندما هدأت رويدا رويدا، قالت له :
– زوجي الحبيب : لديَّ منذ أن كتبت الشعر …أكثر ثلاثمائة قصيدة معظمها يتكوَّن من أبيات عمودية، ولديَّ مثلها من الشعر الحر الذي أكتبه على هيئة أسطر أفقية،
ولديَّ أيضاً كتب كُتب في العلم .. اترك مسألة العلم ودعنا في الأدب، فما رأيك ؟!!.
بيت عمودي ما رأيك : في أن نسكن في بيت عمودي متاح للسُكنى ولنؤجر بقية الأبيات العمودية ونكتب على واجهة كلٍّ منها ( بيت للإيجار !! ).
أما الشعر الحُر فسوف نُسيِّجه بأسوار ونزرع فيه الأشجار ليكون فللاً يسكنها كبار التجار !! ونكتب إعلاناً على واجهة كل فلة ( فلة حرة للإيجار ).
عندئذٍ، انفجر الإثنان بالضحكات حتى علت النبرات واندهشت على إثرها ابنتهما أجمل البنات؛
فزالت بحضور رؤى كلُّ الشطحات، وبقيت وحدها الأبيات والآهات تتوالى في كل ليلة.
هموم الذات وتتفانى في التعبير عن هموم الذات، حتى يجعل الله لهذه العائلة الصغيرة مخرجا تنعم به في الأمسيات بقراءة الأبيات،
وحتى يكون لتلك العائلة الثبات حليفها طوال الحياة لا التنقل في متاهات بيوت الإيجارات.
من منظور الرؤيا سحر كريم التفرقة العنصرية موقع كنوز عربية
08th مايو 2024[…] الحديث معهم تاره ويسرح بخياله تاره أخرى بعد أن أصبح طبيب متميز التخصص فى مجال عمله وتتراءى أمامه رؤيه الطفولة عندما […]