بقلم/ نجلاء أحمد حسن
المرأة السعيدة تنتج فكرا متجددا لتنمية المجتمع، المتأمل في التاريخ الإنساني الاجتماعي بصفة عامة يكتشف دورا هاما وقضية واضحة وصريحة، تفرض وجودها عبر الزمن وبدون هذا الدور لا تُبنى المجتمعات الإنسانية على وجه الأرض.
الا وهو أن دور ومسيرة عطاء المرأة في حياة مجتمعها لا يرتبط بسن محدد، فمنذ قديم الأزل كانت قاسما مشتركا في كل عمران، وكل صناعة، وكل حرفة، وكل مهنة، وكل فن.
دورها واضحا في كل لحظات المجتمع الحاسمة، فهي تُظهر وتُدلي بدلوها في تنمية المجتمع وتطويره، والنماذج شتى وكثيرة ومتنوعة ومتشعبة بمجالات عديدة، ورغم ذلك نجد مقولات تصفها بانها ضعيفة الفكر ومبعثا للحروب، وجالبة للمشكلات وعدم الراحة.
فالبعض نادى بتقييد حريتها وفرض مظهرا عليها وسجن روحها في أدوار محددة، وعدم التحرك خارج سياق فكرة واحدة، بانها مجرد انثى، تتسم بالضعف الفكري والجسماني فقط، لأنها تحمل وتلد وتُرضع وعليها فقط أن ترعى صغارها ونطاق دائرتها الصغيرة والضيقة، ولكن الصغير يكبر والضعيف يقوى ساعده مع الزمن ومرور الأيام ويبدأ حياته بعيدا عن زمام الام.
المرأة السعيدة تنتج فكرا متجددا لتنمية المجتمع
فماذا بعد ان أتممت رسالتها؟ ماهي اهتماماتها التي تُغذي شعورها بالثقة بنفسها ومجتمعها، والرضا والسعادة بالحياة، وبانها فرد متعلم متطور الفكر مواكب للعصر الحديث مفيدا متواصلا مع جميع الأجيال، ومطلعا على الحركة الفكرية، لا تنتظر او تستجدي الأهتمام من هؤلاء الذين أحرقت شمعة شبابها ومالها وعمرها، من أجل تطوير حياتهم والحفاظ على مقدراتهم.
وفي النهاية هي بلا سند وأصبحت عرضة لنوبات الاضطراب النفسي، ولكن في نظري ان عطاء المرأة لا ينقطع ببلوغها سن اليأس او التقاعد، بل هي أحد أقدم محركات الثقافة والعلم عبر التاريخ، ترعى المجتمع طوال عمرها، فتستطيع هي أسعاد وتنمية ذاتها، وتعلم مهارات جديدة ، وادوار جديدة بل ومهنة جديدة تصقلها خبرتها الحياتية والإنسانية والمهنية الطويلة التي عاشتها.
النماذج المتنوعة كثيرة، وصفحات الإعلام المرئي والمسموع والمقروء تسرد قصصا من دور المسنين لأمهات بلا سند يحنو عليهم ولو من باب رد الجميل.
لذا حان الوقت ان تعي المرأة ان تطوير ذاتها واتجاهها لنفسها هو السند الحقيقي بل هو واجب مقدس تقوم به لنفسها وروحها كما وجهته سالفا الى أبنائها وذويها، ومن هم في دائرة اهتمامها وانفصلوا عنها واصبحوا يافعين.
نماذج السيدات المبدعات
المرأة السعيدة تنتج فكرا متجددا لتنمية المجتمع، ويزخر التاريخ الإنساني بالعديد من السيدات المبدعات، اللاتي صنعن سعادات متعددة لروحهن ولمجتمعهن وأصبحن ملء العين والسمع للجميع، بعد تجاوزهن سن الخمسين او اكثر سواء بمجالات الكتابة او بالفنون التشكيلية او ريادة الاعمال او بالتعليم.
فاستطاعت مصممة الحلي والمجوهرات الأشهر عزة فهمي بعد بلوغها سن 61 الوصول الى العالمية، وذلك بتعاونها مع جوليان ماكدونالد في أسبوع الموضة بلندن في 2006، ثم أسبوع الموضة في نيويورك 2010، ثم عملت مع المتحف البريطاني 2015 ثم نشرت كتابها في عام 2007 بعنوان مجوهرات مصر المسحورة، تروي فيه رحلتها في ارض مصر لاستكشاف المجوهرات التقليدية في ربوع مصر، وكتاب المجوهرات التقليدية المصرية 2015. عزة فهمي مصممة مجوهرات مصرية استطاعت العبور بالمحلية والتراث الثقافي المصري الى العالم.
واستطاعت عزة سالم سيدة الاعمال المصرية بعد سن الخمسين، بدء مشروعها لعمل الحلويات وتورت حفلات الزفاف الكبيرة وأصبحت بإرادتها ان توضع في الصف الأول ضمن سيدات اعمال غيروا حياتهم وحياة مجتمعهم،
عملت الطاهية الامريكية جوليا تشايلد في مجال الإعلانات والإعلام قبل تأليفها لأول كتاب طبخ لها عندما كانت في عمر الخمسين، لتصبح طاهية ذات شهرة عالمية في عام 1961.
وفي نموذج اخر مدهش للغاية، الفنانة التشكيلية آنا ماري روبرتسون موزيز، والمعروفة بـ «الجدة موزيز او جدة موسى» الامريكية وكانت تعمل بالفلاحة مع زوجها، وكانت بداية مسيرتها في الرسم عن عمر 78 عاماً، وفي عام 2006، بيعت إحدى لوحاتها في مقابل 1.2 مليون دولار.
التعليم والكتابة
وفي لحظة فكر استطاعت البرازيلية انتونيا لاندغراف الالتحاق بجامعة ولاية ماتوجروسو لدراسة الهندسة الزراعية بعد ان تقاعدت من وظيفتها في بنك البرازيل بعشر سنوات، بعد ان بلغت من عمرها 70 عاما، ورغم دعوات المحيطين بها انه قرار لا يجدي وانها فقدت صوابها، الا انها أصبحت رائدة ومثالا يحتذى به في مجالها.
وحصلت الاسترالية (روث ويلسون) بعد بلوغها عمر 88 عاما على درجة الدكتوراه في دراسة روايات البريطانية جين اوستن، لدى روث أربعة أبناء وخمسة احفاد وثمانية أبناء احفاد أعمارهم بين ستة اشهر و12 عاما ومن الطريف حصول حفيدتها على الدكتوراه.
مجال الكتابة الأدبية
المرأة السعيدة تنتج فكرا متجددا لتنمية المجتمع، وفي مجال الكتابة الأدبية، أمضت الأمريكية (لورا إينغلس وايلدر) سنواتها الأخيرة في كتابة القصص القصيرة، حيث كانت ابنتها روز، تحرر وتنقح لها القصص. ونشرت لورا أول مؤلفاتها (البيت الصغير) في سن ال 65. وأصدرت الروائية الامريكية، توني موريسون، روايتها الأولى (العين الزرقاء) بعد بلوغ الأربعين. وقد استطاعت الفوز بجائزة بوليتسر عندما كانت تبلغ 56 عاماً، وجائزة نوبل في عمر 62 عاماً. في عام 1932، وسرعان ما أصبح من الكلاسيكيات للأطفال.
مجال الصحافة
وفي مجال الصحافة أسست (أريانا هافينجتون) الإذاعية الأمريكية، صحيفتها الخاصة (هافينجتون بوست) وكانت بعمر ناهز 55 عاماً. وفي وقت لاحق، باعت الصحيفة لشركة «أيه أو إل» في مقابل 315 مليون دولار.
تعد الأمريكية (بيتي وايت ) واحدة من أكثر الممثلات الكوميديات حيازة للجوائز، لكنها لم تصبح أيقونة في «هوليوود» إلا بعد مشاركتها في مسلسل «The Mary Tyler Show» في عام 1973 بعمر ناهز 51 عاماً.
كانت سيدة الاعمال (فيرا وانج) الأمريكية من اصل صيني، بطلة تزلج على الجليد وصحفية قبل دخولها عالم صناعة الأزياء في سن الأربعين. وهي اليوم تعد واحدة من أبرز مصممات الأزياء في العالم.
المرأة السعيدة تنتج فكرا متجددا لتنمية المجتمع، جميع ما سبق من نماذج واقعية، يمثل تحفيزا لكل من أصابها هاجس اليأس، ومخاوف الشيخوخة واوهام العمر بأن المراة كائن لا يقوى على الخروج عن المألوف من القيود الفكرية والمجتمعية الهدامة، فالعمر مجرد رقم والحياة تمتد وتتسع لكل ما هو جيد وجديد وبناء.
لمزيد من القراءة اضغط هنا
دراما رمضان تيمة مكررة وقضايا عصرية - جريدة كنوز عربية اي.جي
31st مارس 2024[…] بقلم / نجلاء أحمد حسن […]
ما هو الاكتئاب - جريدة كنوز عربية اي.جي
22nd أبريل 2024[…] كتبت نجلاء نادر […]