السعيد وقراءة في ثوب جديد في عالم يحترق للكاتبة وفاء ابو السعود
كاتب الصحفي د أسامه السعيد
رئيس تحرير أخبار اليوم
دكتور محاضر صحافة وإعلام في كليات الإعلام بالجامعات المصرية والدول العربية
مصرٌ التي في خاطرنا …
مصر التي في خاطري وفي فمي
أحبها من كل روحي ودمي
هكذا يقول مطلع الأغنية الجميلة التي تغنت بها أم كلثوم من كلمات أحمد رامي وألحان رياض السنباطي عام 1952.
تسترسل الأغنية في سرد لماذا نحب مصر، لكنها لا تجيبنا ما صورة مصر التي “في خاطري”، وهذه واحدة من المشكلات التي نعانيها ، كواحد من أعرق شعوب العالم، فكل منا يرى مصر التي في خاطره، وفق تصوره الشخصي، وتجربته الذاتية،
يتأثر في رؤيته وأحكامه بنشأته ومستوى تعليمه وثقافته وخبراته، وهذا طبيعي ومنطقي جدا.
لكن لماذا لا تكون هناك مصر التي “في خاطرنا”، أي مصر التي في العقل الجمعي لشعبها، أو لنكون أكثر دقة في التيار الغالب من شعبها، لماذا لا تكون لدينا تلك الرؤية الجماعية لماضينا وحاضرنا، ومنها ننطلق إلى مستقبلنا.
أعرف أن الاتفاق الكامل شيء مستحيل، لكن أعلم أيضا أن بناء الأوطان في ظل غياب التوافق حول مشروع وطني أو حلم قومي كبير هو أيضا أمر مستحيل.
لذلك فإن أعظم ما يجب أن نقدمه اليوم لبلادنا، هو الالتفات هو مشروع وطني حقيقي للبناء، والبداية الصحيحة أن نعرف ثروتنا الحقيقية لكي ننميها ونستثمرها.
السعيد وقراءة في ثوب جديد في عالم يحترق للكاتبة وفاء ابو السعود
هل سألنا أنفسنا يوما عن أثمن ما تمتلكه مصر؟
هل هو الموقع؟
أم الثروات الطبيعية؟
هل القوة العسكرية؟
أم الثقافة والفنون؟
أعتقد أن الإجابة الصحيحة هي: الإنسان.
نعم الإنسان المصري، هو أثمن ما تمتلكه مصر.
فهو الذي استطاع أن يستثمر الموقع
ويتحدى محدودية الموارد الطبيعية.
ويصنع قوة ناعمة و يمتلك من أدوات القوة الصلبة ما يمكنه من حماية حياته على ذلك الموقع لآلاف السنين.
وهذا الإنسان هو هدف الحروب التي استهدفت مصر على مر العصور، والتي ازدادت وتيرتها وخطورتها خلال العقود الأخيرة، فصار هدم الإنسان أهم أسلحة الدمار الشامل للأوطان.
حروب اليوم لا تحتاج إلى ترسانة عسكرية هائلة لحسمها، يكفي لأعدائنا أن يصنعوا عقولا ضالة، وقلوبا كارهة، وإنسانا مشوشا، كي يتولى هو بنفسه تدمير وطنه، وقتل أخيه، وتخريب بيته.
والأدوات متاحة، والتنفيذ سهل، والضحايا بالملايين.
هذا هو الحال اليوم في حروب ما بات يُعرف بالجيل الرابع والخامس، والتي صارت حقيقة واقعة عشناها ولا نزال في منطقتنا العربية، ولم تعد هاجسا من هواجس “نظرية المؤامرة”.
أين الحل إذن؟
الحل .. هو الوعي.
السعيد وقراءة في ثوب جديد في عالم يحترق للكاتبة وفاء ابو السعود
الحل هو بناء الإنسان القادر على الفهم والبناء والعمران، المتمسك بأرضه وقيمه، الممتلك لأدوات عصره والمتطلع بعزم ومثابرة لبناء مستقبله الشخصي والوطني.
قد يقول قائل إن هذا “كلام مثالي”، ولكنني أراه “قمة الواقعية”، فجينات الحضارة لم تغادر عقل ووجدان الإنسان المصري يوما، ربما اعتراها بعض الفتور، أو اعتلاها غبار السنين.
ربما أصابها الإهمال والجهل والبيروقراطية والفساد ببعض الوهن، لكننا جميعا نرى كيف تنتفض تلك الجينات في لحظات الأزمات.
المطلوب اليوم أن تتحول تلك الانتفاضات المؤقتة إلى ثورة دائمة.
ثورة من أجل البناء والعمران، ثورة على السلبية والفساد، ثورة على التضليل باسم الدين، ثورة على الجهل والسطحية، ثورة وعي حقيقي مستمر ومتجدد.
وأول أسلحة الوعي هي المعرفة.
وأحسب أن هذا الكتاب، للكاتبة وفاء أبو السعود، يضع لبنة طيبة في صرح المعرفة وبناء الوعي.
فهو يطوف بنا في آفاق عدة، من قضايا المواطن وهموم الوطن،
بل ويدرك ما تموج به منطقتنا بل وعالمنا من تحديات، فهي تحاول أن تغزل عبر رؤية وقراءة دقيقة لما يجري من حولنا، ثوبا جديدا لوطن في عالم يحترق بالفعل.
تشيد الكاتبة بما يجري في بلادنا من تحديث، لكنها لا تتجاهل ما نعانيه من قصور في مواجهة بعض السلبيات، قد تتحول إلى “شرر” يشوه جمال الثوب الجديد.
عندما تشيد، فإنها تنطلق من أرضية وطنية لإنسانة محبة ومتفائلة بحاضر وطنها رغم التحديات، وعندما تنتقد فإنها تنطلق من نفس الأرضية كمصرية غيورة تأمل ألا تشوب مستقبل وطنها شائبة.
هذا الكتاب جزء من معركة الوعي التي يجب أن نخوضها جميعا،
كلٌ في مجاله،
فبناء الوعي اليوم صار “فرض عين” على كل مصري ومصرية.
فقه إدارة الأزمات - مقال وفاء أبو السعود - جريدة كنوز عربية اي.جي
18th أبريل 2024[…] / وفاء ابو السعود – مصر شعب مصر شعب معاناته امتدت طويلا خلال الفترة […]