كتب / عصام عياد
أرض النفاق والزكاء الاصطناعي ، في عام 1968 أي منذ 56 عام ، أبدع المخرج فطين عبد الوهاب في إخراج فيلم من رواية الأديب القدير يوسف السباعي المعروف باسم ” أرض النفاق ” ،
والذي كان بطولة كبار نجوم الفن ، الفنان فؤاد المهندس ، والفنانة شويكار ، والفنانة سميحة أيوب و آخرين
دارت أحداث الفيلم حول مسعود الموظف الغلبان ، الذي فشل في التكيف مع المجتمع الذي تغيرت أحواله بسبب ضياع الأخلاق
والملفت للانتباه في هذه القصة هو تخيل الكاتب قدرة شخص علي توجيه سلوك المجتمع ، من خلال بعض الحبوب ، حسبما يريد المتحكم فيها ولم يتوقع الكاتب ، ولا المخرج ولا أحد العاملين بالفيلم ، ولا حتي المشاهدين ، أن يأتي زمان يتحقق فيه ذلك مع اختلاف الأسلوب المستخدم
تأثير التكنولوجيا على الرأي العام
فبدلا من الحبوب التي كانت ترمي في مياه النيل التي يشربها السكان ، أصبح المستخدم هو التكنولوجيا بدلا من التأثير من خلال البطون ،
صار التأثير والتوجيه من خلال العقول ، وبدلاً من الخيال أصبح حقيقة ، بدلاً من الترفيه ، صارت للسيطرة وتحقيق أهداف ومصالح ، مشروعة أو غير مشروعة واستخدمت أيضاً كوسيلة في الحروب ،
وعرفت باسم القوة الناعمة كما في حروب الجيل الرابع والخامس …. ألخ استخدمت للتأثير علي الرأي الاجتماعي والعام وتغيره ، وهو جعل الآخرين يريدون ما تريد ،
وبمعني أوضح أن تجعل عدوك يصنع ما تريد دون إكراه ، أي بموافقته ، بمزاجه ، انت لم تقل له شيء ، أنت لم تأمره ، بل هو صاحب القرار وهو أيضاً المنفذ وهو الساعي له ، وفي قرارة نفسه أنه صاحب المصلحة
وكان أول من صاغ هذا المصطلح هو جوزيف ناي أستاذ العلوم السياسية بجامعة هارفرد ، في كتابه الصادر عام 1990 بعنوان “وثبة نحو القيادة: الطبيعة المتغيرة للقوة الأمريكية” ،
كما قام بتطوير هذا المفهوم في كتابه الصادر عام 2004 بعنوان «القوة الناعمة: وسائل النجاح في السياسة الدولية”
بدأ استخدامها في الدول بنشر أفكار ومبادي و أخلاق ، من خلال مجالات حقوق الانسان والفن والثقافة ، وكان لها تأثير سريع في التحول والتغيير
العادات الشرقية ما قبل الجداثه
فعلي سبيل المثال رأينا في مجتمعاتنا الشرقية ، المعروفة بالفرق بين سلوك الذكر وسلوك الاثني ، فرأينا بنات يحلقون شعرهم
ورأينا رجال يربون شعرهم ويجعلونه ضفائر ويلبسون التوك ، ورأينا انتشار لبس البناطيل الممزقة، التي كان يتوارى من الناس يرتديها لفقره،
رأينا سهر البنات ورسم التاتو والتعري لإظهاره، ورأينا شباب يحلق رأسه كما الخيل والحمير
أرض النفاق والزكاء الاصطناعي ،كل هذه المظاهر غريبة علي مجتمعاتنا ، ولكن بقدرة قادر أصبحت غير مستنكرة ، بل عظموها وعرفوها بالتحضر ، ووصفوا مستنكرها بالتخلف والجهل والرجعية
كان المقصود من ذلك هو قتل الهوية العربية بدايةً، ثم التحكم في الشعوب ( لعمل ما عرف بالفوضى الخلاقة ) وتوجيها لتنفيذ مخطط التقسيم،
وهو ما عرف بالشرق الأوسط الجديد فخلعت شعوب رئيسها ، و قتلت أخري زعيمها ، وطاردت أخري قائدها ، وخرجت أخيرة علي محبيها ،
و غالبية من يعيشون الآن ، شهود عيان علي ذلك الخطير في الأمر ، هو قيام المنفذ بالمطلوب دون شعور، كأنهم منومين تنويم مغناطيسي.
بل الغريب في الأمر أن المنوم مغناطيسياً يظهر عليه ذلك ، وتستطيع إيقاظه ، ووقف المهمة التي يقوم بها علي عكس المسيطر عليه بالقوة الناعمة .
فهو لا يظهر عليه شيء ، ولا تستطيع إيقافه ، بل تجده مستعد للقتال في سبيل تحقيق ذلك ، يراوغ ويناور، ويتحول ويتغير ، دون الرجوع للمسيطر أو انتظار أمره.
فالقضية صارت قضيته، وقد رأينا ذلك جلياً في أحداث ما عرف بالربيع العربي ، وما حدث بالمنطقة العربية دون غيرها من بلاد العالم ، باستخدام شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان والليبرالية.
انقلبت المنطقة رأساً علي عقب ، حتي وجدناهم يدمرون الممتلكات العامة، ويخربونها دون وعي، ساعد في ذلك قدرة الطرف المسيطر ، علي التفاعل و مد الجسور، وإقامة الروابط والتحالفات والعلاقات ، والقدرة الإعلامية، والتأثير الثقافي والفكري ، في الطرف المستهدف ،
حتي جعلته يتبني فكر الطرف المسيطر ويدافع عن قيمه ، ويعمل علي نشرها ،و باستماته ،وتكمن خطورة ذلك في صعوبة الرصد والانتباه لها وسرعة المواجهة وصعوبتها .
فهي كالسرطان، لا يظهر إلا بعد أن يكون قد تمكن من خلايا الجسد، وضاعت فرص العلاج ،ولأنها أقل كلفة و غالباً بدون ضحايا بشرية لصاحبها ، و صعبة الاتهام و المساءلة ، لجئت الي استخدامها الدول المعتدية وتلك حقبة مضت .
انتبه اليها معظم الدول ، ولكن بعد دفع ثمن غالي جداً
مستقبل تطور الذكاء الاصطناعي
لكن الأخطر ما هو قادم ونسأل الله السلامة فبتطور التكنولوجيا وظهور الزكاء الاصطناعي ،
استحدث تهديدات جديدة وبادئ ذي بدء ، لا ننكر الطفرة التي حققتها التكنولوجيا في شتي مجالات الحياة ، والتسهيلات التي قدمتها برامج الزكاء الاصطناعي .
التي أصبحت تحاكي العقل البشري في كثير من الأمور وبتميز ، حيث يمكنه اتخاذ قرارات أفضل بشكل أسرع ، مع خفض التكاليف وتقليل المخاطر، مع توفير الوقت والجهد ،
علي سبيل المثال استخداماته في المدن الزكية وقد لاحظنا السرعة الغريبة في التطور التكنولوجي التي أصبحت فائقة فعلي سبيل المثال ، بالأمس كانت الوسيلة الوحيدة للاطمئنان علي اشقائنا وزوينا ممن سافروا الي دول أخري ، هي الخطابات ،
ولما تطور الأمر ظهرت شرائط الكاسيت التي كنا نسجل عليها سلامات الأهل والأحباب ، ونرسلها مع أي شخص مسافر ، وننتظر الرد مع العائد و هكذا ،
الي أن ظهر التليفون الأرضي , فكانت الاسرة تنتقل بأكملها الي عمدة القرية أو أثريائها ممن يمتلكون تليفون أرضي ، وهكذا، ولكن بتطور التكنولوجيا أصبحنا الأن نعيش مع أي شخص باي مكان في العالم ثانية بثانية.
نري ونسمع بعضنا البعض ، و كأنه لا يفرق بيننا زمان ولا مكان، فانتهت الغربة بعد أن جعلت التكنولوجيا العالم حجرة واحدة .
وقد شهد العالم تحولاً هائلاً في مجال الزكاء الاصطناعي، و أصبح يلعب دوراً حيوياً في شتي مجالات حياتنا.
خاصة بعد أن جاء بإمكانيات لم نكن نحلم بها ،ولا خطرت ببالنا .
وكالعادة كلما زادت الفائدة من الشيء، زادت المخاطر، و خصوصاً بعد أن أصبحت تلك الأنظمة يمكنها التفكير والتعلم والتصرف بشكل مستقل.
ومؤخراً شاهدنا نتائج الزكاء الاصطناعي في صناعة محتويات معقدة في وقت قليل، واستطعنا الحصول علي أشياء عديدة وإنجاز اعمال متعددة ، ونحن في أماكننا دون جهد أو تعب، وهذه أمور محمودة الي حد كبير.
وشاهدنا أيضاً ام كلثوم تغني أغنية شرين عبد الوهاب ” جرح تأني ” وعبد الحليم يغني ” بوس الواوا وسطلانة وبنت الجيران واخاصمك آه , وغيرهم من الفنانين القدامى الذين قضوا نحبهم ، يغنون أغاني حديثة لفنانين معاصرين .
سواء كانت تليق بهم أم لا تليق ، ومشاهد حركيه ، أفلام لا تفرق بينها وبين الحقيقة ، وعلي هذا الغرار يستطيع المغرضون باستخدام تلك البرامج ، اصطناع مقاطع حية لشخصيات عامة ورموز مسئولة ، تحمل قرارات مصيرية ، تغير وجه العالم أو تبيد دول ، أو تعرضه بشكل يسئ إليه والي شعبه ، أو يزعزع الثقة بينه وبين شعبه .
وقد تؤدي تلك التقنيات الي زيادة عمليات النصب ، من خلال إرسال رسائل مفبركة ( صوت وصورة ) لأخرين علي غرار ما حدث في فيلم العتبة الخضراء مع الجوهرجي وزوجته ، بعد أن احتالوا عليه حتي وقع علي ورقة تفيد إعطاء حاملها مبلغ ما و أعطوها لزوجته وحصوا علي المال ، وقد يستطيع مجرم صناعه دليل ، يعفيه من العقوبة ، كأن يثبت تواجده في مكان أخر وقت الحادث ، وبالعكس قد يضيع حق بسبب إهدار دليل ، بدعوي صناعته بالزكاء الاصطناعي وقد يستطيع زوج غير سوي أكل حقوق زوجته باتهامها بارتكاب الفاحشة ، ويأتي بدليل من خلال هذا الزكاء الاصطناعي، وقد يستخدمه البعض في صناعة محتويات يبتز بها شرفاء ……… الخ ا
لخلاصة أن التطور التكنولوجيا شيء مهم ، بل غاية في الأهمية ، و أصبح لا غني لنا عنه في حياتنا اليومية أما و قد سمعنا عن عمليات القرصنة والاختراقات ، وانتحال الشخصيات بغرض الفتنة بين الناس ، ورمي البعص بالباطل ، والنيل من آخرين ، وخراب البيوت ، وهو ما حدث في بدايات التطور التكنولوجي .
وبحجم التطور التكنولوجي الأن وهو الأمر الذي لا ولن يتوقف عند حد ما ، مما يزيد الخطورة ويسمح بوجود نظام أسوء من نظام الغابة ، وهو أمر لا يحمد عقباه فيجب العمل علي وجود مضادات تحمي الانسان من السلبيات المتوقع استخدام غير الأسوياء لها ، حرصاً علي أمن وسلامة المجتمع وحقوق أفراده والله نسأل السلامة
لقراءة المزيد اضغط هنا
تنيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية على الجريدة
رمضان شهر الانتصارات - جريدة كنوز عربية اي.جي
23rd أبريل 2024[…] رمضان شهر الانتصارات كتب عصام عياد كلما جاء شهر رمضان تذكرنا غزوة بدر ، وما أدراك ما غزوة […]