هذه بضاعتكم رُدت إليكم
بقلم: ندى عثمان
النهايات تتحدث عن خبايا النفوس، وتكشف عن كثير من المتناقضات والصراعات الكامنة، أو مدى التصالح والسلام النفسي..
تتحدث عن مدى صدق الادعاءات من عدمه.. ادعاءات التسامح والاحتواء تتجلى حقا في هذه اللحظات.. نهايات العلاقات مؤشر قوى يوضح الكثير من التفاصيل الكامنة بعقل وقلب أطراف العلاقة..
جميع الأطراف تتفاعل بناء على أفكار ومعتقدات نشأت عليها تُترجم لأفعال وقت الانفعال..
فأوقات نهايات العلاقات أوقات مليئة بالمشاعر الإنسانية والانفعالات.. وغالبا تنتهى بإحداي الاحتمالين إما مشاعر تراحم وحرص على ترك صورة وذكرى طيبة، من المفترض أن يحملها كل طرف للآخر، والحرص على الفراق بالمعروف، إن لم يوفق كل منهما مع الآخر..
أو على النقيض تماما، مشاعر غضب ممزوجة بمحاولات إيلام وجرح الآخر، وقائمة من إثباتات وهمية، يسعى أحدهم أو كلاهما لإثباتها.. وغالبا “ما تسعى لإثباته بشدة وقت الانفعال والصدمة”..
في الواقع انت تشعر بعكسه تماما.. محاولات الإيلام وجرح الآخر غالبا ما تكون من خلال سلوكيات عديدة، ومواقف وكلمات تحمل رسالة بمضمون واحد وهو .. “لم تعد كما كنت بلحظة لم يعد لك مكان أو قيمة”..
هذه بضاعتكم رُدت إليكم
لا أرى في هذه الأفعال سوى احتمال من إثنين.. إما ان صاحبها متصنع ود من البداية، أو متصنع كبرياء بالنهاية.. وكما قولنا ما تسعى لإثباته بشدة غالبا أوقات الانفعال تشعر بعكسه تماما على أرض الواقع.
هذه المحاولات ما هي إلا أفعال غير موفقة، مبنية على عقائد منذ قديم الأزل.. بعيدة تماما عن الطرف الآخر.. تحكى الكثير عن أصحابها وعن ماضيهم، وعن مراحل عمرهم ومدى توافقهم النفسي.. ومدى قبولهم الاجتماعي ومدى قبولهم لأنفسهم من الأساس..
تحكى عن درجة حسهم.. ومدى رقى شعورهم أثناء الخصومة أو الفراق.. من تراه يتفنن في الإيذاء اعلم إنه يعانى من ماض مؤلم.. ومن وقائع رفض أطاحت بسلامة النفسي.. فقسي قلبه وأصبح كالحجارة أو أشد قسوة..
تجاربه المؤلمة واستجاباته السلبية لها سلبت من قلبه الرحمة على غفلة منه. وبالفعل قد ينجح طرف في إيلام الآخر ولكنه من المؤكد لم ينجح في الإيلام فقط.
بل ينجح بجدارة في محو الذكرى الطيبة بقلب الآخر.. العلاقات الإنسانية ليست ساحة للحروب والانتصارات ولستُ بحاجة لإثبات ما انتهى بداخلك إذا انتهى بالفعل..
هذه بضاعتكم رُدت إليكم
ما ينتهى بداخلنا لا يُشكل تأثيراً أو دافعاً لسلوكنا.. لا يُشكل حيزاً من تفكيرنا أو انفعالاتنا.. لذلك محاولات الانتقام أو الإيلام ليست إلا دليل تأثر شديد وعدم اتزان..
محاولات الإيلام تُجبر القلوب أن تَكُف عن الحنين، والذكرى الطيبة، ليعلن القلب إجباريا رسالة هذه بضاعتكم رُدت إليكم.. فمحاولات إيلامكم رُدت إليكم بالنسيان.. فنسيان المعروف وسحق المودة لا يُقابل إلا بإهداء وعد راقي بالنسيان.
والعكس بالعكس الفراق بالمعروف وحده من يجعلك تحمل ذكرى طيبة للآخر بقلبك حتى نهاية العمر.. يجعل له مكانة بالقلب إن لم تحالفك الظروف وتجعل هذه المكانة على أرض الواقع.. الفراق بالمعروف يجعل له غرفة بالقلب يصدأ مفتحها من استحالة الوصول لها و عدم الاقتراب منها فمالك هذه الغرفة وصاحب هذا المفتاح لم يعلن المجيء بعد..
فتأبى أنت أن يقترب أحد فمراسم فتح تلك الغرفة لا تُقام إلا بشفرة قلب ذلك الغائب الأمين. مهما حالفك الحظ وظننت أنك تعرف الآخر تمام المعرفة، في هذه اللحظات ترى منه الجديد، البعض يؤلمك ردة فعله والبعض يبهرك بمدى رقية، فتنبهر بدرجة أعمق من المعرفة عنه تنبهر بمدى التراحم والرقى في الانسحاب..
أشخاص تود أن تُطّيب جراحك قبل الفراق.. ترى حرص وعاطفة من أصدق ما يكون.. عاطفة أشبه بأم تود أن تطمئن على أبنائها في مكان آمن، حين تجبرها الحياة على فراقهم.. فغالبا الفراق ينحصر في سببين، إما لأقدار نافذة رغماً عنا أو أفعال تركت بصمة وندبة بالقلب لا تطيب بيد صانعها..
هذه بضاعتكم رُدت إليكم
النهايات ترسم ملامح جديدة لأشخاص ظننت أنك تعرفهم جيداً.. تُعيد صياغة القصة من جديد بنهايات غير متوقعة.. فالمشاعر الإنسانية والتراحم والمودة رفاهية لكل نفسٍ مطمئنة.. أخيرا هذه بضاعتكم رُدت إليكم إما بنسيان.. أو بنقوش أبدية على جدار القلب.