بقلم الشيخ/ عمر يوسف عمر
مفتش دعوة بوزارة الأوقاف
لعلكم تتقون، يقول الله – سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) فالصيام من أكبر أسباب التقوى؛ لأن فيه امتثالَ أمرِ الله – تعالى – واجتناب نهيه،
فممَّا اشتمل عليه من التقوى أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها، التي تميل إليها نفسه، متقربًا بذلك إلى الله، راجيًا بتركها ثوابه، فهذا من التقوى.
ومنها أن الصائم يدرِّب نفسه على مراقبة الله – تعالى – فيترك ما تهوى نفسه مع قدرته عليه لعلمه باطلاع الله عليه.
ومنها أن الصيام يضيق مجاري الشيطان، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، فبالصيام يضعف نفوذه وتقلُّ منه المعاصي.
ومنها أن الصائم – في الغالب – تكثر طاعته، والطاعات من خصال التقوى.
ومنها أن الغني إذا ذاق ألم الجوع أوجب له ذلك مواساة الفقير المعدم، وهذا من خصال التقوى.
لعلكم تتقون
فإذا كان الأمر بالصوم خاصًّا بالمؤمنين، مقارنًا ذلك بأن الله افترضه على الذين من قبلهم حتى ينافسوهم في الخيرات، فإن الله – سبحانه – يأمر الناس جميعًا بالأمر العام، مكلفًا إياهم بالعبادة التي هي امتثال لأوامر الله – سبحانه – واجتناب لنواهيه.
وتصديق لخبر رسوله الذي بعثه، ويقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ولذلك خلقهم: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} وهو ربهم الذي ربَّاهم بأنواع النعم، فخلقهم بعد عدم، وأنعم عليهم بالنعم الظاهرة والباطنة، فجعل لهم الأرض فراشًا يستقرُّون عليها ويبنون ويزرعون، وخلق لهم كلَّ شيء،
لعلكم تتقون
ثم علَّل ذلك بقوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، وقد وردت (التقوى) بمادتها في القرآن الكريم في قرابة ثلاثمائة موضع من الكتاب الكريم، حتى يمكن أن يقال: إن الغاية من رسالة الإسلام – بل ومن جميع الأديان – هي تحصيل التقوى، حيث يقول القرآن الكريم على لسان نوح وهود ولوط وشعيب، كل نبي يخاطب قومه بقوله: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ)
ولقد بينت آيات القرآن الكريم أثر التقوى؛ فمنها آثار يجعلها الله للعبد في الدنيا، منها:
{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} وقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} ومنها قوله – عز وجل: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} وقوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} ومنها ما يجعله الله للعبد في الآخرة، فبها تفتح أبواب الجنة: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جاؤوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}
لعلكم تتقون
والتقوى تزيل الخوف وتجلب الأُنس في الآخرة:
{الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ*يَا عِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلاَ أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ*الَّذِينَ آَمَنُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ*ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ} ويقول سبحانه: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ*فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ}
وتقوى الله – عزَّ وجلَّ – دافع للعبد أن يعمل الخير وأن يجتنب الشر؛ لذا كان النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – يفتتح خطبه بالحثِّ على التقوى بقوله – تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} فكانت تقدم هذه الآيات بين يدي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الخطب، فتحث السامع على سرعة الإقدام للعمل بالصالحات واجتناب السيئات، وكذلك يذكر المولى – سبحانه – في اجتناب الشرور أن الدافع>
وزارة الأوقاف تدعم المرأة تحت عنوان "مؤتمر الواعظات" - جريدة كنوز عربية اي.جي
05th مايو 2024[…] هدى بيبرس فى إطار عناية وزارة الأوقاف المصرية بدور المرأة ودعمها وتمكينها انطلق صباح اليوم […]