جريدة كنوز عربية اي.جي

#خواطر أدبية

عيناكِ… وعدٌ بلقاء بقلم محروس عامر

عيناكِ… وعدٌ بلقاء بقلم محروس عامر

بقلم الكاتب د/ محروس عامر

قالت: سنلتقي، سأكون في انتظاركَ، على شاطئ البحرِ، فوق الصخرةِ، تحت ضوء القَمر.

انتفض قلبي كطفل تائه انتبه لنداء أمه. يريد أن يذهب اليها من الآن، يناشدني، يتودد اليّ، ويتوعد … ويكرر مطالبته بجناحين كي يطير اليها. اما انا فقد نقلتني كلماتها من حيث انا… الي هناك، حيث تهفو روحي وحيث المستقر بل المأوى والمنتهى لأحلام العمر.

وتابع الكاتب الدكتور محروس عامر تحت عنوان: “عيناكِ… وعدٌ بلقاء بقلم محروس عامر”..

إن حبيبتي هي حُلمي الذي اسعى خلفه منذ الطوفان، وهو الذي شَكّلتُهُ رسوماً ونقوشاً على الجدران، وحبها جعل سفينتي تُبحر في دوامات العمر تابي الغرق، تُحطم امواج الحزن، وتُفِتُ الصخر مواصلةً سعيها متمسكة بحلمها، الي أن برقت من بعيد عيناها فعرِفتْ سفينتي مكان المرفأ.

ما أجمل ان تَحلُم بيوم اللقاء، وحبيبتي شمسُ لا تُخلف الميعاد. دائما ما نلتقي وقت الشروق…! عندما نلتقي، يكون الصباح!  فيبدد ليل حياتي مُحيّاها وتطفئ بحنانها لهيب شوقي المرسوم في الأفق، فتعود ساعة عمري للحركة وتَرجع لأقدامي وقعها ولخطواتي أثرها فوق الطريق.

اشعر بطوفان سعادة يغمرني، نسيت كل ما لدي من مواعيد، وكل ما عقدته من اتفاقات، احتلت هي كامل بؤرة تفكيري. انظر الي ملابسي وكأنما تتراقص في موضعها فَرِحةً، كلٌ يريدُ أن يناله حظ لقيّاها، وان يشعر بكفها الحنون يداعبه وان يستقي بعضا من عطرها. حتى نظّارتي وعطري ولفافة تبغي. انها لم تتملكني فقط بل سيطر حبها على كل الأشياء. اما انا فأجدني كما كنت دائما ثملا بحبها غارقا في بحور عينيها.

قالت انها تُحبني، وأني منتهى رحلة سفرها وأني بلسمُ لجراح عمرها، بل أن عمرها بدأ من يوم وجد قلبها المأوى في صدري. تساءلت كثيرا لما انا؟ من دون الرجال! ولما سهمي؟ من وسط السهام! ولما صدري! وحضني وما عندي من رضاب؟! ثم اكتشفت أنني أخطأتُ في السؤال، لأن حبها لي هو ليس نتيجة انما هو سبب لتغير حياتي وسعادتي، وعلة دوران الكون واخضرار الزرع في الحقول والوان الزهر وزقزقة العصافير! ان حبها ارجع الابتسامة على الوجوه والرضا في القلوب وأنها من جعلت البنات أجمل وانبتت الحمرة على خدودهن والشوق في قلوبهن، فألهبن قلوب الرجال.

هل بالغت في وصفها؟! أم سيّطر شغفها على قلبي فأذهب بعضا من عقلي؟! ام لكونها تختلف عن كل النساء وان حبيبتي ليست امرأة مما نعرف من بنات حواء؟!… إن الحب والسعادة والجمال من الأسماء والحقائق العقلية التي نشعر بها ولا نُدركها بحواسنا ولذلك فإنه يتغير مدلولها ومعناها بحسب المضاف اليها من الأشياء العينية. إن تصورنا لجمال الشَّعر والثغر وجمال البحر يختلف كل منهم عن الآخر، فاختلف معنى ومفهوم الجمال بإضافته الي الحقيقة العينية. وتَرافق مع الحكم بالجمال للثغر والشَّعر والبحر، حُكم الثغر والبحر والشَّعر على الجمال بالتغير في مدلوله. لذلك فكل محكوم به من الأسماء والحقائق العقلية هو محكوم عليه من الأسماء والحقائق العينية.

فعندما أصف جمال عينيها فهو جمالا لا يقارن مع غيره من عيون النساء لان وجودها في التصور او الإشارة اليها في العبارة يغير مفهوم الصفات الي ما يشبه المطلق ويغير حدود الخيال فيتمرد على التأطير ويتخطاه لفضاءات غير محدودة.

ان غدا الموعد، يملكني الشوق لابتسامتها، ولمعة الفرح في عينيها، ولضمة يداي لكفيها، هنالك سنلتقي على شاطئ البحر، فوق الرمال المذّهبة التي طرزها نور القمر، حيث سيرقص الموج فرحا، وستتجمع حمائم النورس مكونة سمفونية عشق تتهادي حولنا. سيكون القمر مضيئا محتفيا باللقاء وتتسابق الفناجين ايهم يلثم ثغرها وتسري الريح تداعب شعرها وتحمله حتى يغطي وجه الأرض فتسكن في ليل هادئ يروي القلوب الظمآى لصدر الحبيب. إن نشوة اللقاء واحلامه قد تفوق اللقاء جمالا، حيث نتصور اللقاء بأشكال كثيرة. نهدي الورود، ونتبادل الكلمات والنظرات وترقص قلوبنا فرحا وتهدأ نفوسنا في معية الحبيب وان ظل اللقاء حُلم وفكرة تراودنا فان السعادة باللقاء تظل عالقة في قلوبنا وافكارنا، “غدا موعدنا” هكذا قلتِ لي وهكذا قالت عيناك ووعدت باللقاء.

تنيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية على الجريدة

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *